‫الرئيسية‬ الأخبار فن وثقافة 138 عامًا من حروب المياه!
فن وثقافة - منوعات - يونيو 20, 2021

138 عامًا من حروب المياه!

أبناء حورس بالمرصاد لمن يعطل النهر عن الجريان

كيميت

138 عامًا من حروب المياه!..بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في العام 1979، والمعروفة باسم “اتفاقية كامب ديفيد” وبموجبها استعادت مصر أغلبية سيناء المحتلة ثم استكملت استعادة كامل أرضها بالتفاوض والتحكيم الدولي.

أطلق الرئيس السادات جملة، ربما لم يلتفت لها كثيرون في حينها ويقدرونها حق تقديرها، إذ كانت بمثابة نبوءة وقراءة لوقائع قديمة حديثة، إذ قال رحمه الله: ”إن المياه ستكون السبب الوحيد الذي قد يدفع مصر إلى خوض الحرب من جديد”.

الرئيس السادات

وهو الأمر الذي حذر منه علماء وخبراء جيولوجيا كبار منذ الستينيات أمثال الدكتور رشدي سعيد وغيره، وفي العام 1999 وضمن محاضرة له قال الخبير العالمي د. رشدي سعيد ” في إطار هذه المخاطر أن إسرائيل التي ستعاني هي الأخرى من مشكلة شح المياه بعد 20 عاما, يمكن ان تتدخل لدى الدول الإفريقية التي ينبع منها نهر النيل للحصول على المياه ومنعه عن مصر، وإذا نجحت وزارة الخارجية المصرية في ضمان الحصول على حقوقنا من المياه فان هذا سيكون عمل دبلوماسيا جيدا. والحقيقة أن أزمة المياه لن تقتصر علي مصر فقط بل ستشمل أيضًا الدول المجاورة” وفي سنوات سابقة حذر العالم الجيولوجي الدكتور رشدي سعيد من الأمر نفسه، إذ قال في أحد مقالاته: “إن القرن الواحد والعشرين هو قرن حروب المياه بامتياز، وأضاف؛ إن الحرب القادمة ضد مصر ستكون حرب المياه”، إذ أن حصة مصر الكبيرة من مياه النيل لم تعد مضمونة، مما يعرض مصر للدخول في حرب مياه في المرحلة القادمة، خاصة بعد سعي بعض الدول لتعديل اتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة منذ عام 1929، إضافة إلى تجدد الأطماع الصهيونية في مياه نهر النيل من خلال بعض الدول المطلة على النهر”، هل ترون جديدًا فيما تنبأ به الدكتور سعيد منذ أكثر ما يزيد على أربعين عامًا مما نكابده الآن؟!

ورجوعًا للوراء طويلاً، لابد أنك قرأت أو ترددت أمامك هذه العبارة “إذا انخفض منسوب النهر فليهرع كل جنود الفرعون، ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه” وهى العبارة المنقوشة على جدران مقياس النيل بالمنيل منذ آلاف السنين!

إذن ليس بـ “سد النهضة”، ولا بتلك الملاوعة “اللاسياسية” الإثيوبية المستمرة منذ عشر سنوات، وحدها بدأت الحروب المائية ضد مصر؛ الأمر قديم وحديث في آن واحد؛ أما القديم في الموضوع ما تؤكده تلك الوثيقة المدونة منذ ما يقارب المائة وثمانية وثلاثين عامًا والتي أُرسلها مجلس النظّار “أي الوزراء” للبرلمان المصري حول قضية حفظ مصر لنهر النيل فى بلاد المنابع عقب فيضان عام 1883، أي بعد احتلال الإنجليز لمصر بعام واحد.
دكتور رشدي سعيد

  والوثيقة التي كانت سرية- في وقتها- تتضمن مذكرة تفصيلية من نظارة الأشغال “وزارة الرى حاليًا” حول مجهودات الري فى حفظ نهر النيل فى السودان ومصر، كما أظهرت عدد البرقيات والتليغرافات المتبادلة بين موظفيها لقياس النيل وعمق الفيضان القادم من الهضبة الإثيوبية ومروره بالسودان حتى مصر، والطريف في الموضوع أن مصاريف الاتصالات والرسائل بلغت وقتها ما يقارب نصف المليون قرش مصري، أي ما يوازي 5 آلاف جنيه وبالقيمة المالية والشرائية وحسب سعر العملة المصرية آنذاك وقوتها ما يعادل اكثر من خمسة ملايين جنيه! ونظرًا لكل هذه الكلفة تم إصدار عملة الجنيه المصري في 1899.

ومرت السنوات، لكن مؤامرات الدول الكبرى لم تخمد بعد واستمرت، وهذا ما يوضحه المنشور في صدر الصفحة الأولى من جريدة الأهرام يوم السبت 5 نوفمبر عام 1927 وتقول مانشيتاته الكبيرة: “خطر كبير على مصر، حكومة الحبشة تتفق مع شركة أمريكية على إنشاء سد على بحيرة تانا”، وبحيرة تانا هذه هى منبع النيل الأزرق والذى يشكل أكثر من ثلاثة أرباع الوارد من المياه في نهر النيل خلال فصل الصيف. وكأن الأمر يعيد نفسه أو أن القوى الدولية أحيت ما كان ميتًا، فإن تفاصيل الخبر القديم عن المشروع لا تختلف كثيرًا عما تقرأه وتسمعه في شتى الوسائل الإعلامية والمنصات حول سد النهضة أو الألفية الآن! وجاء في الخبر القديم بـ”الأهرام”: “أن شركة هوايت الأمريكية اتفقت مع ولى عهد الحبشة المسمى بـ”رأس تفري” على تكفلها بنفقات إنشاء السد والتى كانت تصل وقتها لمبلغ ضخم نحو عشرين مليون دولار وهو ما يمكنها تمامًا من نهر النيل، وكشف محرر الخبر تفاصيل أكثر عن هذه المؤامرة حينما أكد أن هدف أمريكا هو إنشاء سد يحجز السيول وبالتالى التحكم فى مياه الرى الخاصة بأملاك بريطانيا ببلاد السودان، وغير المعلن وقتها أن أمريكا كانت تسعى مبكرًا للسيطرة على منابع المياه فى أثيوبيا ثم تبيع المياه لبريطانيا على حساب مصر، والعجيب أن فترة ملء خزان هذا السد كانت أيضاً مثل سد النهضة تمامًا 7 سنوات!

ما سبق كله يؤكد أن ما يجري الآن ليس مفاجئًا، ولئن كان الجانب الإثيوبي استغل الظروف التي تعرضت لها مصر في العام 2011، إلا أن ما حدث قديمًا ومنذ قرون أيضًا يؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن جنود هذه الأرض وحراس قدس الأقداس سواءً من السياسيين أوالعسكريين ومروضي شياطين المعلومات وأبناء حورس العين الساهرة الراصدة لكل ما من شأنه أن يمس هذه الأرض المقدسة المعمدة بدماء شهدائها على مر الزمان، ولديهم بدل السيناريو عشرات السيناريوهات كي لا تعطش أرض مصر، أويقل منسوب النهر، لن ينتظروا بأي حال من الأحوال حتى يتوقف النهر عن الجريان أو يتركوا من ينتوي تعطيل جريانه في سلام.

حروب..نثق تمامًا في أبناء هذه الأرض وجولاتهم السياسية المعلن منها وغير المعلن.

اترك تعليقاً

‫شاهد أيضًا‬

ماتريوشكا قارورة المحيميد

.. “هكذا علمتني أمي منذ الطفولة؛ أن أحترس من الغرباء، أن أنكفئ إلى داخلي، أن أختزن ع…