‫الرئيسية‬ الأخبار .. وسينتصر لبنان الإنسان!يوسـف وهـيب
الأخبار - 3 ديسمبر، 2019

.. وسينتصر لبنان الإنسان!يوسـف وهـيب

 وسينتصر لبنان الإنسان!يوسـف وهـيب من حرائق الغابات

وسينتصر لبنان الإنسان!يوسـف وهـيب من حرائق الغابات، إلى اشتعال الهوية اللبنانية، ليست رومانسية إن رأينا أن الأرض تثور في البدء؛ حين تنوء بما عليها من أغلاط وأخطاء وكوارث، ومن يثم تنتقل حمية نيران الهوية إلى البشر.

وسينتصر لبنان الإنسان!

قد يبدو هذا ملخصًا مسكونًا بشعرية ما لما يحدث في لبنان منذ 9 أيام، ولا يزال اللبنانيون يشعلون نار صمودهم ضد كل ماهو طائفي، ومنافحة كل ما هو إنساني بالضرورة، لذا جاءت تصرفاتهم العفوية بل الجوهرية في الإنسان اللبناني من جرأة وفرح ورقص واحتفالات بزواج وخطبات حتى ممارسة مهنة “الكوافير” من قص شعر لرجال ونساء في الشوارع والميادين، وربما كانت هذه الأفعال العفوية الإنسانية هي ما أثارت مؤسسي ورعاة الطائفية  السياسية والدينية ولعنة المحاصصات؛ مثل حزب الله الإرهابي وأذنابه من أشباه شيوعيين وألاضيش ليبراليين، وغيرهم ممن يرتزقون من الدكاكين الإيرانية والغربية.

وسينتصر لبنان الإنسان! وبدأت الانتفاضة اللبنانية، بعد أن تسربت من كواليس وزارة سعد الحريري معلومات عن اتجاه لفرض ضريبة جديدة على “الواتس آب“، فاجتاحت التظاهرات العشوائية- منذ مساء يوم 17 أكتوبر الجاري- شوارع وسط العاصمة بيروت، سرعان ما امتدت لمدن الشمال بطرابلس؛ اعتراضًا على فرض أي ضرائب جديدة تزيد من أعباء المواطنين، وصباح اليوم التالي امتلأت الشوارع البيروتية في كافة مدن الشمال والجنوب بالمواطنين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية للمطالبة بإسقاط الحكومة واستقالة كافة المسئولين بدءًا برئاسة الدولة والوزراء وانتهاءً بأعضاء البرلمان، واشتعلت الاحتجاجات بعد تفاقم الأحداث مع سقوط قتيلين في اشتباكات مع قوات الأمن بطرابلس.

وفي مسعى الخائف الرومانسي لاحتواء الأزمة ألقي رئيس الوزراء “سعد الحريري” كلمة مساء يوم 18 أكتوبر؛ منح فيها وزراءه ثلاثة أيام لحل الأزمة الاقتصادية ولوّح بتقديم استقالته، ما ارتآه البعض أنه ينذر بفراغ سياسي ودستوري في لبنان.

لكن اللبنانيين، لم يروا في مثل هذا الخطاب سوى مجرد رومانسية الحالم الكاذب الذي يريد تنييمهم، وفطنوا إلى اللعبة الواهية، ورد كثيرون منهم بالقول: هل ما لم تنجح فيه حكومة الحريري في ثلاث سنوات ستنجح في تصليحه في ثلاثة أيام؟! وهو سؤال منطقي، يدرك اللبنانيون على الأرض- وليس غيرهم- صحته تمامًا، نظرًا لما يزكم أنوفهم من روائح بكابورتات الفساد السياسي والمالي، مقابل التفاوت الطبقي الهائل، وهو ما تجلى وأكدته أحاديث تلقائية للإنسان اللبناني، بدءًا من الشابات الصغيات والشباب والعجائز نساءً ورجالاً، ممن لا يجدون ما يسد احتياجاتهم اليومية.

ومن قبوه الفخيم في الجنوب اللبناني، خرج حسن نصر الله ممثل أو أراجوز المقاومة كما يحلو لبعضهم تسميته، وببهلوانية يحسد عليها، قال كلمات كاشفة بما لا يترك مجالاً لأي شك، أن هذا الكائن وجماعته، ليس لهم أي علاقة بالتراب اللبناني أو الوطن سوى أنه مجرد مسكن أو محطة لتلقي الدعم المالي والعسكري من نظام الملالي وولاية الفقيه في إيران الصفوية، غير أن الأبشع،  تلك الإشارات التي حملها خطاب زعيم الكهف المختبئ دومًا “نصرالله”، إن تصريحًا أو تلميحًا بتهديد المتظاهرين، بل وكل اللبنانيين بالفوضى أو الحرب الأهلية، إذ قال الكهفي فيما يمثل التهديد الأوضح للشعب اللبناني، عبر كلمات لا تحتاج تأويلاً “حركتنا مش بسيطة، إذا ننزل على الشارع ده مش قرار بسيط، يعني البلد كله بيروح لمسار مختلف، إن شالله ما ييجي وقته، وإذا جه وقته ستجدونا جميعًا في الشارع في كل المناطق”  هذه الكلمات ونبرة الخطاب هي ما أعاد إلى أذهان اللبنانيين  تلك الذكريات المريرة التي تركتها سنوات الاقتتال الأهلي الطائفي في ثمانينيات القرن الماضي. غير أن تركيزه على كلمة العهد، وتكراره “عهدي أنا” جعلت المتظاهرين يعلنون رفضهم الواضح لمثل هذه الخطابات الدينية المقيتة، وكلمة “العهد” ربما يقصد بها تلك التسوية السياسية التي تم التوصل لها بوساطة إقليمية ودولية في 2016، وتقضي بتولى العماد “ميشيل عون” حليف “حزب الله” وإيران بالطبع رئاسة الجمهورية مقابل تولى “سعد الحريري” رئاسة الوزراء.

واليوم إذ يطالب المتظاهرون بإسقاط هذا الاتفاق السياسي؛ لأنه أسفر عن تركيبة حكومية طائفية بامتياز، ولا تمتلك أي كفاءة لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بلبنان في ظل بيئة إقليمية مضطربة، فإنهم يسعون بامتياز إلى تنقية الشارع اللبناني وتطهيره من كل طائفية سواءً داخلية أوتعتمد على دول لها مصالح طائفية في المنطقة، وفي القلب منها إيران بطبيعة الأحداث في المنطقة، وذراعها الميليشياوي وهو حزب الله

ويرى مراقبون أن استقالة الحكومة والرئيس وتفكيك اتفاق الطائف “الطائفي” ليس مستبعدًا، لكن يتخوف البعض من أنه سينتج عنه فراغ سياسي ودستوري، وفوضى شاملة بالبلاد. وربما لا يملأ هذا الفراغ سوى الجيش اللبناني وقوى المجتمع المدني التي ستعمل على تشكيل صيغة جديدة للحكم بلبنان. وهذا ما لم يسمح به “حزب الله” وأنصاره؛ خاصةً بعد تهديد “نصرالله” بتحريض أنصاره على النزول للشارع وهو ما يعني ضمنيًا نشر العنف في الشارع اللبناني، حيث أن مايسمى “حزب الله” هو الفصيل الوحيد المسلح والذي يمتلك “ميليشيات” تفوق قوتها وتسليحها قوة الجيش اللبناني، وهو ما يمكنه من فرض رأيه بالقوة.

وعلى الأرض، لم يسلم المتظاهرون من تنفيذ بعض مما تفوّه به مناضل الكهف نصرالله، حيث حاول أتباعه وهم يستقلون دراجات بخارية إثارة الخوف والفزع بين المحتشدين وحاملي راية الوطن وحناجرهم تدوي بمحو الطائفية، خاصة فيما صرخوا به من مطالب وشعارات مثل “كلن يعني كلن ونصرالله واحد منن”، أو تلك التيشرتات التي كتبوا فوقها “أنا مش طائفي” و”أنا لبناني وكفى”، لولا تدخل الجيش اللبناني لحماية أبناء الوطن ضد هذه الميليشيات، وكذلك وفي- الجنوب أيضًا- تعرض المتظاهرون للفتك ببعضهم وسحل البعض  بأيدي مسلحين تابعين لحركة أمل الشيعية الموالية لإيران أيضًا، ويتزعمها نبيه بري رئيس البرلمان، ولم يرد المتظاهرون السلميون سوى بتمزيق ملصقات صور “بري”، وهتفوا بمقولات ومعلومات تكشف فساده.

ومهما يكن من أمر؛ فإن حصيلة هذه الأيام التسعة، إن لم تحقق حتى الآن ما يصبو إليه المتظاهرون من إقالة الحكومة وإنهاء نظام المحاصصة السياسة، وتكسير كل الولاءات خارج عباءة الوطن لبنان، فالواضح للعيان أن غالبية الشعب اللبناني نجحت في صحوة الهوية الوطنية بمحو الطائفية من شعاراتها، والصمود على العمل لإنجاز وتحقيق لبنان الإنسان، دون النظر إلى طائفة أوملة أودين، فهذا وحده انتصار كبير.

 

 

 

اترك تعليقاً

‫شاهد أيضًا‬

وزارة الحج والعمرة تحذر من الانسياق خلف إعلانات الحج الوهمية

وزارة الحج والعمرة تحذر من الانسياق خلف إعلانات الحج الوهمية وتدعو الجميع لمتابعة الجهات ا…