‫الرئيسية‬ الصحة والجمال حواء وآدم منوعات غير مصنف هالة صدقي المُرعبة الحنونة أوقارورة الطيب المعتّق
غير مصنف - 18 أبريل، 2023

هالة صدقي المُرعبة الحنونة أوقارورة الطيب المعتّق

حقًا صدق من قال “ليس كل ما يفوح يكون عطرًا حقيقيًّا”..وقد يكون للأنواع المصنّعة تحت بير السلم، أوالمعمولة بتسرع على عجَلٍ بتركيبات وروائح نتاج إضافات كيماوية، رائحة مؤقتة مهما كانت خادعة او خانقة نفاذة. إلا أن النادر هو الطِيب الطبيعي أوالأسانس الحيِّ، وشذاه المريح مهما خبا قليلاً فإنه كلما تعتق فاح أكثر.
وصفصف أوالفنانة هالة صدقي تؤكد- بتركيبتها الشخصية، وما تنضجه في فرن روحها ووعيها من شخوص متنوعة- أنها تمتلك شذرات هذه الخميرة المصرية الممتدة منذ الأزل وإلى الأبد، تلك الخميرة التي تمنح الخبيز طعمه وسمته.
لعل الكثيرين لا تزال عالقة بأذهانهم وأرواحهم طيوف من شقاوة وطعامة وخبث ودلع وحِنّيّة “نهلة” في رحلة المليون العام 1984، مع المبدع محمد صبحي، خاصة مشاهدها مع الراحل العملاق جميل راتب “لطفي بيه” أو “لتيييفة” بصوت هالة صدقي، أبناء جيلي الذين بلغوا الستين، أوتجاوزوا الخمسين؛ لا شك يتذكرون كيف كنا ننتظر مشاهدها في هذا المسلسل. ها هي “هالة صدقي” في بداياتها الأولى، وبعدها بما يقارب العشر سنوات؛ فاجأتنا بأداء مختلف وهي تُجسّد شخصية توحيدة في مسلسل أرابيسك مع العملاق صلاح السعدني أوحسن النعماني وهي الشخصيات التي خطها عملاق الإبداع الدرامي الراحل ” أسامة انور عكاشة” رحمه الله. وعملت من إبداعه أيضًا في الجزء الثاني من “زيزينيا”.
وعبر هذا الزمن الممتد إلى بدايات الثمانينيات يتكشف أن نجم هالة صدقي يتألق ويحلق في أعلى البروج، على فترات متباعده، فها هي بعد سنوات طويلة من زيزينيا وقهوة المواردي، وبظهور لافت لكنه أضيق مساحة توازي تلك القدرة التمثيلية الهائلة لدى هالة صدقي، كما في مسلسل “فاتن أمل حربي” للكاتب الكبير إبراهيم عيسى.
ها هي خلال شهر رمضان2023 – وقبله بشهور بالطبع، وأعني فترة المذاكرة والتحضير للدورين- تنافس نفسها، فمن تراها صفصف أوالملكة في مسلسل جعفر العمدة” مع النجم محمد رمضان ومجموعة راسخة من الممثلين ، منهم اثنان فرضا نفسيهما وطريقة أداء كل منهما وارتبطا ارتباطا حميميا بالمشاهد، أو بالأدق أن معظم المشاهدين ارتبطوا بهما وهما النجم الصاعد عصام السقا والفنان المخضرم أحمد فهيم، ولهذين النجمين وغيرهما مقال مفصل آخر يستحقانه. والمسلسل قصة وسيناريو وإخراج الموهوب محمد سامي، لا شك تختلف كثيرًا عن تلك الحالة التي تراها بعدها بساعة او حسب ظروف مشاهداتك، في دور أم السلطان حامد في مسلسل “سره الباتع” عن قصة مارد القصة القصيرة يوسف إدريس، وسيناريو وحوار وإضافات وإخراج المخرج المتميز خالد يوسف. فما بين التراجيدي والكوميدي تتقلب هالة صدقي سواءً عبر المسلسلين،من المُداعِبة المرِحة المحرِّضة الغاضبة إلى المنكسرة الحزينة المكلومة. أو خلال المشهد الواحد في العمل خاصة في “جعفر العمدة” نظرات مفزعة حد الرعب، في أقل جزء من الثانية تنقلب إلى ابتسامة ساخرة أومحبة!
تلك هي هالة صدقي التي تماثل قارورة طِيبٍ كلما مرت عليها السنوات تزداد تعتيقًا ويصفو شذاها الذي يطيب الروح، أوهي تلك قنينة النبيذ الذي كلما تعتق صفا وتحول إلى أثير يحمل الأرواح على أجنحة الخيال المريح.
بدأت علاقتها بالفن بعد عودتها إلى مصر مع المخرج نور الدمرداش في مسلسل “لا يا إبنتي العزيزة” عام 1979. واشتركت خلال مشوارها الفني مع كبار المخرجين؛ مع المخرج عاطف الطيب في فيلم الهروب، ومع المخرج يوسف شاهين في فيلمي إسكندرية . و”هي فوضى” وهو آخر أفلامه الذي شاركه في إخراجه تلميذه المخرج خالد يوسف.

 

اترك تعليقاً

‫شاهد أيضًا‬

ماتريوشكا قارورة المحيميد

.. “هكذا علمتني أمي منذ الطفولة؛ أن أحترس من الغرباء، أن أنكفئ إلى داخلي، أن أختزن ع…