‫الرئيسية‬ الأخبار بيان عاجل مجدي بسيوني_روح شارع منصور
بيان عاجل - 11 يناير، 2021

مجدي بسيوني_روح شارع منصور

ابتسامته حضن يسع العالم.. ويعالج من خانوه بزيادة الإحسان!

مجدي بسيوني

مجدي بسيوني_روح شارع منصور .. الذين مروا في شارع منصور بباب اللوق، ولو مصادفةً، لا بد وأن بعضهم لمح هذا الرجل ذا البنية القوية والجسد الفارع الضخم، يجلس أمام مقهاه، ربما إذا مروا الآن ووجدوا مقعده شاغرًا، وسألوا عنه، فجاءت الإجابة الصادمة: رحمه الله.. مات مجدي بسيوني، فإنهم سيحزنون ولو مؤقتا على غياب روح وحالة جميلة يأتنس بها الجميع، أما من اقتربوا منه وجلسوا إليه فإن أحزانهم تتجاوز الحزن نفسه إلى عدم التصديق، فما بالك بشقيقيه شريف وإيهاب ونسيبهم الحاج حلمي؟! الحاج حلمي الرجل الوقور كبير المقام قبل أن يكون مسنًا، لا يزال يجلس مطرقًا يجتر أحزانه وفي ذهول غريب، ينظر إلى أي سيارة تمر لربما تكون أنت الذي سينزل منها!

أمام هؤلاء وأحزانهم التي تفوق أحزاني، مثلي لا يملك سوى الدعاء أن يعزي الله قلوبهم، ويعضدهم معا لمواصلة ماكان يفعله مجدي عن طيب خاطر وود حقيقي غير مصطنع.

مجدي بسيوني_روح شارع منصور أخبرني فرج القهوجي يا مجدي أن شريف لا يزال يذهب صباح كل يوم إليك ويضع الورود ويزرع الصبّار بجانب وأمام مدفنك، ويلقي عليك تحية الصباح كما كان يفعل كلما مرّ عليك صباحًا في المقهى: “صباح الجمال يا معلم”.. إنه مثلي وكثيرون لا نصدق رحيلك أو عدم وجودك في المكان، كنت تقول لي حين عرفتني عليهما: الباشمهندس شريف ده مش اخويا وبس ده ابني وحبيبي وإيهاب أخويا وابني برضه.

قلبي معك يا شريف أنت وإيهاب، وقلبي مع كل من يفتقدون محبتك وحنانك وعطفك الإنساني يا كابتن مجدي.
كاتب هذه السطور يا حاج مجدي، أنت تعرفه، ولعلي في حِلٍّ أن أحكي لك أنني من هؤلاء الذين لا يصدقون رحيلك حتى الآن، واسأل حتى صورتك التي علقها إيهاب فوق مقعدك، رغم أنني أرى فيها ابتسامة الود والترحيب التي تميزت بها مع الغلابة والفقراء، إلا أنني ألمح فيها شفقة علينا نحن الأحياء بلا حياة في غيبتك وعلى مانعيشه، وهذا ما يريحني قليلاً ويجعلني أفكر أنك ربما تكون الآن في مكان أجمل من أماكننا هذه، على الأقل خالية من التلوث البشري وأمراض ونقائص الذين مددت يدك إليهم ومع هذا تنكروا كثيرًا لما كنت تفعله لهم ومعهم!

اسمع يا كابتن، وأنا أعرف كم هو عزيزٌ عليك ومحبب إلى قلبك هذا النداء “يا كابتن”، لعلك تذكر كيف حكى الكابتن “شطة” لنا ونحن جالسين معًا، أنك كنت قلب دفاع متين، وفرويد لا يبارى، لكن الدنيا حظوظ، لعبت للإسماعيلي وكنت على أبواب إحدى القلعتين البيضاء القريبة من بيتك في ميت عقبة أو الحمراء في الجزيرة، لكن كما قال: كل شيء نصيب!

مجدي بسيوني_روح شارع منصور وشاءت المقادير أن يمتحنك الله بالإصابة بمرض القلب، آه يا قلب الدفاع!.. واحتملت صابرًا ومدافعًا عن قيمة الحياة، فكنت تترجم هذا إلى مساعدة المرضى والمحتاجين، ورغم متاعبك كنت ولآخر لحظة متمسكًا بمحبة الحياة، كانما كنت تدرك أن عليك رسالة تريد استمرارها مع هؤلاء الذين يلجأون إليك، حتى في عزّ زعلك من أفاعيل بعضهم ونقائصهم، كانت تغلبك طيبة قلبك ويكتسي وجهك بابتسامة جميلة وتقضي لهم مطالبهم!

كثيرون يا مجدي لا تطاوعهم قلوبهم على المرور أمام المقهى، وآخرون أنت تعرفهم تمامًا، صار دخول المقهى ثقيلاً عليهم، فلا الحاج وليد ولا الحاج عماد يدخلون المقهى  مبتسمين كما اعتدت رؤيتهم بفرحً، لأن من كان ما أن يلمح الواحد منهم وغيرهم يحتضنه بابتسامتة صادقة، ويهدئ البعض لو كانوا غاضبين لأي سبب، ويخرجون مبتسمين.
لعلك تتذكر الآن الولد القهوجي اللص، حين عرفت أنه سرق حقيبتي باللاب توب الخاص بي، وترك المقهى هاربًا، جلسنا نضحك حين قلت لي ببراءة وقلب طفل: تتصور أنه سرق موبايلاتي مرتين، وسامحته برضه علشان ياكل عيش وما يتشردش! وأكمل فرج القهوجي مالم تسمح لك روحك الجميلة بقوله: ودفعت له فلوس كانت عليه علشان ما يتسجنش، زي مادفعت وبتتدفع لي أنا كل اللي باحتاجه” ضحكت أنت يا حبيبي وقتها وقلت: كله من عند الله، بس انت تراعي ربنا في شغلك يا سي فرج.. ضحكنا جميعًا.

مجدي بسيوني_روح شارع منصور باختصار الذي لم يسعده زمانه برؤياك أو يتعامل عن قرب معك يا كابتن مجدي فاته الكثير من إدراك مزايا وخصائص أولاد البلد الحقيقيين، بل فاته ما هو أعظم وأبقى أن يرى الإنسانية والشفقة في أبهى صورها تتجسد في شخص، ودونما بروباجندا أو ادعاء.
رحل مجدي الإنسان الجميل ببنيته القوية وجسده المهيب الذي هو شاهد عدلٍ لصالحه أمام الديان الأعظم، إذ سيقول الجسد القوي والروح الأقوى: أقسم انه لم يستخدمني في إيذاء أي إنسان، وكان كلما حلّ في مكان يصنع الخير وينساه.
مجدي بسيوني أو “الونج” ابتسامته حضن يسع العالم.. ويعالج من خانوه بزيادة الإحسان!
رحل “ونج الخير” وقلب الدفاع دومًا عن الفقراء والغلابة.
.. رحم الله مجدي بسيوني إنسانًا قلَّما تجود الحياة بمثله.
يوسف وهيب
11يناير 2021

اترك تعليقاً

‫شاهد أيضًا‬

ماتريوشكا قارورة المحيميد

.. “هكذا علمتني أمي منذ الطفولة؛ أن أحترس من الغرباء، أن أنكفئ إلى داخلي، أن أختزن ع…