‫الرئيسية‬ الأخبار فن وثقافة جَسْرةُ إبراهيم الجيدة
فن وثقافة - منوعات - 16 يونيو، 2021

جَسْرةُ إبراهيم الجيدة

نموذج المثقف الفاعل عدو الطنطنة والرطانات

جيدة بالبدلة Copy

جَسْرةُ إبراهيم الجيدة..هناك دائمًا في الحياة رهبان يؤدوون عملهم وأدوارهم التي ألزموا أنفسهم بها تجاه المجتمع في صمت ودونما ضجة أو بروباجندا، أو سعيًا بشهوة لشهرةٍ أومكسب مادي، والذين نذروا أنفسهم لمثل هذه الأدوار- خاصة في الحقل الثقافي- ويلتزمون بها أيما كانت المصاعب والاحباطات؛ بل ويؤمنون تمام الإيمان أنهم- وطبقًا لمقاييس السوق والسوء معًا خاسرون ماديًّا لا محالة- لكنهم يستمرون ويناضلون في سبيل أداء هذا الدور الرسالي.

في مقدمة هذه النوعية النادرة من البشر؛ يبرز دور الكاتب الصحفي والمثقف القطري إبراهيم الجيدة الذي ارتبط اسمه تمامًا منذ ما يزيد على ربع قرن بنادي الجسرة الثقافي والاجتماعي وبإصداراته المتنوعة بدءًا من مجلة الجسرة الثقافية وموقعها الإليكتروني وراديو الجسرة، ومجلتي السينما والفن التشكيلي، وأخيرًا الوليد الجديد “فنون الجسرة” وهي مجلة فصلية تعني بكل الفنون والإبداعات.

وارتباط اسم الجيدة بهذه الإصدارات تجاوز موقعه كرئيس مجلس إدارة لها، إلى دور أصغر عامل في أي مؤسسة، إذ كان- ولا يزال- يحمل هذه الإصدارات أينما حلَّ في أي بلد عربي وخاصة القاهرة وعمان الأردن والرباط المغرب وتونس وغيرها من العواصم العربية ، ويوزعها بنفسه على مريدي وراغبي الثقافة في أي مقهى أو نادٍ يجلس به، سعادة لا تضاهيها سعادة ترتسم على وجه إبراهيم الجيدة، حين يسأله أحد الناس عن مجلة الجسرة على سبيل المثال، يفعل إبراهيم كل هذا دون انتظار أي مقابل سوى أن تتثقف الناس ويعرفون مبدعي بلادهم، ويفرح ويرحب دومًا بكل إبداع ومبدع جديد، يفسح له الصفحات، وتكاد تكون الجسرة ضمن قلة نادرة من المجلات الثقافية التي تهتم بالمقابل المادي للمبدع لقاء ما ينشره فيها، وتتفرد أنها بدون سماسرة ولا وسطاء، فمكافأة النشر تصل المبدع موقعة من رئيس الإدارة أو المشرف العام شخصيًا وهو إبراهيم الجيدة، بل- وفي ظني- في كثير تكون من حسابه الشخصي!

ملمح آخر أصيل في شخصية إبراهيم الجيدة كنموذج للمثقف الإنسان، فهو وبدأب يحسد عليه من قلة نادرة أيضًا وسط المثقفين؛ يُفعّل دومًا الثقافة كفعل وأسلوب حياة وليس مجرد ترديد لمقولات، أوأسماء لمبدعين عالميين وكفى كأنها اسطمبات محفوظة يرددونها ببغائية.

إبراهيم الجيدة طراز وحده؛ حتى وهو يزرع محبته لمصر على سبيل المثال حتى في أشد أوقات المحن والشدائد، لا يمارس رطانات ممجوجة من نوعية نحن كلنا عرب أوكذا أو كذا، هو- وكما ستلمس فيه حينما تقترب منه- يحب هذا البلد كما هو وبما هو عليه، ويكاد يكون الخليجي النادر الذي ما أن تطأ أقدامه مطار القاهرة، لا يبحث عن متعة السائحين، بل يجري اتصالاته بالمراكز الثقافية كالأوبرا وصندوق التنمية ليعرف مواعيد الحفلات الموسيقية الراقية وكذلك حفلات التنورة والموسيقى الشعبية في أي مكان، ويفرح أيما فرحٍ بصديق يكون على دراية بالأماكن الأثرية سواءً مصرية قديمة أو قبطية أو من العصر الإسلامي، هنا كما يقولون يكون إبراهيم قد حصل على الزتونة أوخلاصة الأشياء، وأهم ما فيها.

ولتعرف أن هذا الرجل يحب البلاد لأنها بلاد بحق وحقيق وبما تحمله على عاتقها أو يحملها من تاريخ ممتد لآلاف السنين، ما زلت أتذكر قولته ضمن حوارات كثيرة بيننا: “لا أعرف بأي وجه يتحدث هؤلاء؟! ما معنى أن تذهب إلى بلد آخر وتهاجم بلدك وأرضك وناسك بحجة السياسة أو ادعاء النضال؟! كثيرون ممن أراهم وللأسف ينتسبون لهذه الأرض انتسابًا (وكان يقصد الذين تم استئجارهم لمناصرة جماعة الإخوان الإرهابية على شاشات الفضائيات ومواقع الميديا وغيرها) يثرثرون بكلام أرعن يظنونه يخدم مشغليهم هنا أو هناك او في أي مكان بالعالم، ليختلف السياسيون والحكام كيف شاءوا، لكن الشعوب لا ذنب لها فيما يجري، ستنتهي الفورات السياسية وتظل الشعوب، لانه عاجلاً أو آجلاً ستعود الأمور كما كانت بل وأكثر لأن مكانة مصر لدى الجميع لا تضاهيها مكانة أخرى”.

اترك تعليقاً

‫شاهد أيضًا‬

ماتريوشكا قارورة المحيميد

.. “هكذا علمتني أمي منذ الطفولة؛ أن أحترس من الغرباء، أن أنكفئ إلى داخلي، أن أختزن ع…